ما أن يأتي موعد قطع التيار الكهرباء عن بعضا من الأماكن والأحياء في قطاع غزة حسب البرنامج المعمول به من قبل الشركة حتى تنهال كيل المسبات والشتائم والدعوات والصراخ على العاملين في الشركة وعلى من كان سببا وراء هذه المشكلة التي أصبحت كابوسا مسلطا على رقاب المواطنين وأمرا واقعا في ظل إجراءات قوات الاحتلال في منع دخول مادة السولار التي تشغل محطة التوليد أو في ظل الانقسام الكارثي وتبادل الاتهامات ما بين الحكومتين
وفي المقابل بمجرد إعادة وصل التيار الكهربائي لبعض المناطق يشعر القاطنين فيها بالسعادة والفرح وتدب الحياة من جديد في هذه الأماكن ولكن سرعان ما تتلاشى هذه السعادة عند ترقب انتهاء المدة المخصصة لها لدرجة أن بعضا يرفع يديه ويقول يارب يهدي موظف الشركة وأن لا يقطع التيار !!! أحد المواطنين المستائين علق ساخرا قائلا : كاد الله بعون العاملين في شركة الكهرباء خاصة الفنين منهم والذين يقومن بتنفيذ البرنامج المعمول به ! كل ثانية وكل دقيقة يسب عليهم !!
أما المواطن أبو خليل والذي يسكن في بيت من الأسبست مكون من عدة غرف ولا يستطيع فتح الشبابيك بحكم أن جراه أعلى منه في السكن قال " بيتي يصبح فرنا مع انقطاع التيار الكهربائي لأنني على مدار الساعة استعمل الهوايات مشيرا إلى أنه بعد انقطاع الكهرباء يخرج مع أفراد أسرته للجلوس عتبة البيت لكي ينعم بنسمات الهواء وبنوع من الغضب تسائل لمتى هذا الوضع ارحمونا من هكذا عذاب !!!
الفنيون العاملون في الشركة لا يعرفون من أين يتلقوها من المواطنين الغلابة الذين هم على حق في مطالبهم أم من تعليمات الشركة بتنفيذ التعليمات أم من وضع المحطة المزري أم ---- !!! ولكنهم بالرغم من ذلك فأنهم يعملون كل ما بوسعهم من أجل توزيع كميات الكهرباء على المدن والمخيمات والأماكن !1!!
أحد عمال الشركة والذي لم يذكر اسمه قال نتفهم أوضاع المواطنين ونتفهم حالة الأحباط واليأس عندهم وأيضا نتفهم ردات الفعل لديهم ولكننا نحن نعذرهم وما باليد حيلة لأن الكل يعرف أن حل المشكلة ليس بأيدينا !!!
ومما يزيد الوضع سخونة وسخطا من قبل المواطنين أن الشركة في بعض الأحيان لا تقدر وضع الناس فتقوم في كثير من الأحيان بقطع التيار الكهربائي عن المواطنين بحجة أنهم لا يدفعون فاتورة الكهرباء وكذلك يتم قطعها عن بعضا من الموظفين تحت ذريعة أن المبالغ التي يتم خصمها شهريا من الراتب لا تسد قيمة استهلاك الفاتورة
الموظف أبو أيمن والذي يتم الخصم شهريا من راتبه أوضح أن الشركة قامت بقطع التيار الكهربائي عنه تحت حجج واهية والتي منها على سبيل المثال أن المبلغ الذي يخصم من فاتورة الراتب لا يتناسب مع الأستهلاك
وبنوع من الحدة والغضب أضاف قائلا : حسبي الله والنعم الوكيل هي الكهربة بتيجي كل ساعة حتى ندفع قيمة الفاتورة !!!
بالرغم ان مشكلة الكهرباء في غزة عمرها سنوات ، وبالرغم من التحسن الطفيف في زيادة الساعات خاصة مع تشغيل مولد أخر في محطة التوليد وتأقلم المواطنين واستعانتهم بالمولدات الصغيرة رغما عنهم إلا الكآبة و الاحباط ما زالت المسيطرة عليهم هذا ما يجعل المسبات والدعوات السمة البارزة عندهم في ظل انسداد الأفق لأي حل لهذه المشكلة
المواطنون يأملون وهم على أبواب شهر الخير والمغفرة " شهر رمضان المبارك " أن يتم تقليص ساعات القطع خاصة مع أوقات الأفطار وصلاة التراويح والسحور وأن تحل المشكلة من جذورها
وقد برزت هذه الأزمة عام 2006م عندما قصفت الطائرات اليهودية ليلاً أمام ناظريّ وفي مشهد مأساوي ودوي أرعب النساء والأطفال محطة التحويل الملاصقة لمحطة التوليد الوحيدة في قطاع غزة مما أدى إلى شلل كامل فيها ولم تسفر كل الجهود حتى الآن لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل القصف،
وفي بداية عام 2008م بدأت "إسرائيل" تقليص كميات السولار الصناعي الذي تبيعه للمحطة بأموال الدعم الخارجي، وكذلك تقليص كمية الكهرباء التي تبيعها للقطاع ضمن سياسة عقاب جماعية، مما أدى إلى مضاعفة العجز وخصوصًا أن مشكلة الغاز الطبيعي تتزامن مع مشكلة الكهرباء ما جعل ربات البيوت يتجهن لاستعمال الكهرباء بدل الغاز في أعمال المنزل فزاد هذا من الأحمال على الشبكة، ثم وفي عام 2009م توقف الاتحاد الأوروبي عن دفع الأموال المخصصة لإمداد محطة الكهرباء بالسولار الصناعي اللازم لتشغيلها
وهناك اتفاق مصري – فلسطيني لحل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة من خلال خطة ثلاثية المراحل تنتهي بربط القطاع بشبكة الكهرباء الإقليمية التي تشمل 8 دول هي: مصر وسورية والأردن ولبنان وتركيا والعراق وليبيا وفلسطين،
أن المرحلة الأولى من الخطة زيادة كمية الكهرباء التي تزودها مصر لقطاع غزة من خلال الشبكة الحالية بنحو 3 أو 5 ميغابايت.ولقد نفذت مصر وعودها بذلك وثم زيادة الكمية
المرحلة الثانية التي ستنجز في غضون شهرين تقوم على إضافة محوّل جديد في منطقة تزويد الكهرباء المصرية للقطاع (الشيخ زويد) وإعادة إصلاح محطة توليد الطاقة في غزة التي تعرضت للقصف وتعمل حالياً بنصف طاقتها. وهذا سيضيف أكثر من مئة ميغابايت من الكهرباء إلى قطاع غزة التي تعاني من نقص يراوح بين 120 و150 ميغابايت. أما المرحلة الثالثة والإستراتيجية فهي ربط القطاع كاملاً بالشبكة الإقليمية التي تضم سبع دول إلى جانب فلسطين، فيما تبلغ تكلفة الربط 32.5 مليون دولار.
ولقد تعهد بنك التنمية الإسلامي بتمويل المشروع، إضافة إلى تمويل إقامة محوّل إضافي للقطاع في المرحلة الثانية بقيمة مليون دولار. وأضاف أن السلطة الفلسطينية تواصل في غضون ذلك دفع الفاتورة للشركة الإسرائيلية التي تحوّل الكهرباء إلى قطاع غزة وتشكل المصدر الرئيس للكهرباء في القطاع وقدرها 120 ميغابايت. وتصل كلفة الفاتورة ما بين 11 و13 مليون دولار شهرياً.
يذكر أن مصر تحوّل إلى غزة 17 ميغابايت، فيما تنتج الشركة المحلية في القطاع حوالي 70 ميغابايت في حال توافر الوقود.
وكانت الحكومة الفلسطينية بغزة قد أكدت في وقت سابق إنه جرى الاتفاق مع الإخوة في رام الله على توريد وقود لمحطة التوليد حيث تقوم الهيئة العامة للبترول بتحويل 500 ألف لتر يوميا لمحطة توليد الطاقة في غزة بدءا من يوم غد بينما يتم تحويل ثمنها من متحصلات شركة توزيع كهرباء محافظات غزة.
وأوضحت الحكومة أنه تم تطبيق النقطة الأولى بزيادة جهد الكهرباء من 17 – 22ميجا وات، وإضافة 8 ميجا وات خلال 6 أسابيع، والثانية المدى المتوسط من 6-14 أسبوع، بزيادة قدرة محطة الشيخ زويد بحوالي 25 ميجاوات بالتعاون مع البنك الإسلامي، والمدى الطويل من 18-24 شهرا بالعمل على انضمام قطاع غزة إلى منظومة الربط الثماني حيث تم الاتفاق مع بنك التنمية الإسلامي على تمويل هذا المشروع.
وأشارت إلى أنه في إطار الاتفاق تقوم شركة توزيع الكهرباء في غزة بتحويل مبالغ مالية إلى الأخوة في رام الله بهدف المساهمة في تسديد الفاتورة لشركة الكهرباء الأسرائيلية
وتنفس المواطنون خيرا بعد الاتفاق ما بين الأحتلال والحكومة المصرية على ادخال السولار القطري المقدم كمنحة لمحطة التوليد للتخفيف من المشكلة عبر كرم أبو سالم وبالرغم من التحسن الطفيف وانتظام ساعات القطع والوصل إلا أن المشكلة ما زالت تراوح مكانها خاصة بعد تلكأ الأحتلال في التقنين من دخول كميات السولار القطري المتفق عليه يوميا
وحسب حديث سابق لأحمد أبو العمرين مدير دائرة المعلومات في سلطة الطاقة بغزة قال أن الكمية التي يتم إدخالها من الوقود هي كميات متغيره مؤكدا على أن مشكلة الكهرباء يمكن أن تحل بدخول المنحة القطرية بالكامل وتنفيذ الاتفاق الأخير مع الحكومة المصرية بشراء الوقود المصري وهو ما لم يتم تنفيذه حتى الآن .
وكان المهندس وليد سعد صايل المدير التنفيذي لمحطة توليد كهرباء غزة والمدير الإقليمي لشركة (CCC) في فلسطين والإمارات قد طرح ثلاثة حلول لحل مشكلة الكهرباء بقطاع غزة معتبرا أن الحل الأمثل والأسرع لأزمة الكهرباء هو الحصول على الغاز كوقود لمحطة الكهرباء بغزة.
وأشار إلى أن الحلين الآخران يتمثلان بالإسراع بإدخال الوقود الكهرباء وبالانضمام لشبكة الربط الثماني, موضحا بان جميع هذه الحلول يتطلب إعداد وتجهيز الشبكة الناقلة بما يتناسب مع إنتاج محطة الكهرباء من كميات إضافية .وبين صايل خلال لقاء خاص نظمه مركز 'بال تينك' الأربعاء بغزة مؤخرا ، أن مشكلة الكهرباء في غزة بوضعها الحالي ناتجة عن قلة المخزون في المحطة والذي لا يكفي الآن سوى لـ4 أيام، وقلة الكميات المدخلة للقطاع والهدر في استخدام الطاقة الكهربائية من المحطة.
وشدد على أن أسباب الأزمة متفرعة وجذرية، حيث أن هناك تأخر في دفع أسعار الوقود من قبل السلطة الفلسطينية، عاداً أن تبديل تحويل المنح التي تأتي للكهرباء من مسئولية الاتحاد الأوروبي إلى السلطة كانت خطوة سيئة أدت إلى قلة المبالغ التي تدخل على الكهرباء وبالتالي تسببت في مشكلة شح في الحصول على كميات البترول.
واتهم شركة التوزيع وسلطة الطاقة بالتقصير الشديد في القيام بالدور المنوط بهما، لافتاً إلى أن زيادة الأحمال في الشتاء على الكهرباء فاقم من أزمتها خلال الفترة الحالية.وتطرق صايل لفكرة إنشاء محطة الكهرباء منذ عام2003، معتبرا أن عدم التزام الأطراف التي وقعت على البنود والمشاريع الخاصة بالمحطة منذ ذلك العام حتى اللحظة يعد سبباً في المشكلة الحالية التي تعاني منها، خاصة وأن الشبكة لم تكتمل حتى الآن لا من السلطة ولا الحكومة الحالية بغزة.
وأكد أن الاعتماد على الحلول المؤقتة للمحطة لا يعد حلاً، مشيراً إلى أن المحطة في وضع فني تستطيع فيه إعطاء ما بين 130 إلى 140 ميجا واط، لكن هناك هدر في استخدام الطاقة الكهربائية لها، وشح في الكميات.ودعا لصيانة المحطة بشكل كامل، مؤكداً على دور القطاع الخاص ومساهمته في وضع الحلول لأزمة الكهرباء، واستعداده للتعاون مع كافة الأطراف من أجل ذلك.
وأكد على أن الحل الأمثل والعاجل للأزمة يتمثل في الحصول على الغاز للمحطة،موضحاً أن ذلك لا يحتاج سوى 6 أو 8 شهور، وأنه إذا ما تم إدخال الغاز عبر مصر لغزة كوقود فإنه سيوفر 60% من ثمن الوقود ويصبح سعر الكهرباء للسلطة أقل مما تأخذه من إسرائيل.ودعا لأن تكون الأولوية الآن في دراسة هذا الحل والعمل على تنفيذه، إضافة إلى إقامة محطة أخرى للكهرباء كحل سريع للأزمة.كما أكد على أن مشكلة الكهرباء وخاصة منذ الانقسام الداخلي تأزمت بشكل كبير وأدت إلى تراكم الديون، مطالباً كافة الجهات بضرورة العمل على تحييد الكهرباء عن الأزمة السياسية بشكل كامل من أجل الخروج منها.
