عمر المختار (1862 - 16 سبتمبر/ ايلول1931) الملقب بشيخ الشهداء أو ليث (أسد) الصحراء قائد ادوار السنوسية بالجبل الاخضر.
مقاوم ليبي حارب قوات الغزو الايطالية منذ دخولها أرض ليبيا إلى عام 1931.
حارب الإيطاليين وهو يبلغ من العمر 53 عاماً لأكثر من عشرين عاما في أكثر
من ألف معركة واستشهد باعدامه شنقاً و توفي عن عمر يناهز 73 عاما. و قد
صرح القائد الايطالي "أن المعارك التي حصلت بين جيوشه و بين السيد عمر
المختار 263 معركة ، في مدة لا تتجاوز 20 شهرا فقط".
نسبه
هو عمر المختار محمد فرحات ابريدان امحمد مومن بوهديمه عبد الله – علم
مناف بن محسن بن حسن بن عكرمه بن الوتاج بن سفيان بن خالد بن الجوشافي بن
طاهر بن الأرقع بن سعيد بن عويده بن الجارح بن خافي الموصوف بالعروه بن
هشام بن مناف الكبير، من كبار قبائل قريش.
مولده ونشأته
ولد عمر المختار سنة 1858 م في قرية جنزور الشرقية منطقة بئر الأشهب شرق
طبرق في بادية البطنان في الجهات الشرقية من برقة التي تقع شرقي ليبيا على
الحدود المصرية.
تربى يتيما، حيث وافت المنية والده المختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة وكانت بصحبته زوجته عائشة.
تلقى تعليمه الأول في زاوية جنزور، ثم سافر إلى الجغبوب ليمكث فيها ثمانية
أعوام للدراسة والتحصيل على كبار علماء ومشايخ السنوسية في مقدمتهم الإمام
السيد المهدي السنوسي قطب الحركة السنوسية، فدرس علوم اللغة العربية
والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ولكنه لم يكمل تعليمه كما
تمنى.
ظهرت عليه علامات النجابة ورزانة العقل، فاستحوذ على اهتمام ورعاية أستاذه
السيد المهدي السنوسى مما زاده رفعة وسمو، فتناولته الألسن بالثناء بين
العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قال فيه السيد المهدي واصفاً
إياه " لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم". و لثقة
السنوسيين به ولوه شيخا على زاوية القصور بالجبل الاخضر .
و قد اختاره السيد المهدي السنوسي رفيقا له إلى (( السودان الأوسط تشاد ))
عند انتقال قيادة الزاوية السنوسية اليها فسافر سنة1317 ه . و قد شارك عمر
المختار فترة بقائه بتشاد في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية
الفرنسية في المناطق الجنوبية (السودان الغربي،تشاد) وحول واداي. وقد
استقر المختار فترة من الزمن في قرو مناضلاً ومقاتلاً, ثم عين شيخاً
لزاوية (عين كلكه) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك
الأصقاع النائية.
و بقي هناك إلى ان عاد إلى برقة سنة 1321 هـ و اسندت اليه مشيخة زاوية القصور للمرة الثانية .
معلم يتحول إلى مجاهد
عاش عمر المختار حرب التحرير و الجهاد منذ بدايتها يوماً بيوم, فعندما
أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911م, وبدأت البارجات
الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي, درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي
والخمس, كان عمر المختار في تلك الأثناء مقيما في جالو بعد عودته من
الكفرة حيث قابل السيد أحمد الشريف, وعندما علم بالغزو الإيطالي فيما عرف
بالحرب العثمانية الإيطالية سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث ساهم في
تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة إلى أن وصل السيد أحمد
الشريف قادماً من الكفرة. وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من
ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي, منها على سبيل
المثال معركة يوم الجمعة عند درنة في 16 مايو 1913م حيث قتل فيها
للأيطاليين عشرة ضباط وستين جنديا وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود إلى جانب
انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم,
ومعركة بو شمال عن عين ماره في 6 أكتوبر 1913, وعشرات المعارك الأخرى.
وحينما عين أميليو حاكماً عسكريا لبرقة, رأى أن يعمل على ثلاث محاور:
* الأول : قطع الإمدادات القادمة من مصر والتصدي للمجاهدين في منطقة مرمريكا.
* الثاني : قتال المجاهدين في العرقوب وسلنطه والمخيلي.
* الثالث :قتال المجاهدين في مسوس واجدابيا.
لكن القائد الإيطالي وجد نار المجاهدين في انتظاره في معارك أم شخنب
وشليظيمة والزويتينة في فبراير 1914م, ولتتواصل حركة الجهاد بعد ذلك حتى
وصلت إلى مرحلة جديدة بقدوم الحرب العالمية الأولى.
الفاشيست والمجاهدون
بعد الانقلاب الفاشي في إيطالي في أكتوبر 1922, وبعد الانتصار الذي تحقق
في تلك الحرب إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا. تغيرت الأوضاع داخل
ليبيا واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي, واضطر إلى ترك البلاد
عاهداً بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار في الوقت الذي قام
أخاه الرضا مقامه في الإشراف على الشئون الدينية.
بعد أن تأكد للمختار النوايا الإيطالية في العدوان قصد مصر عام 1923م
للتشاور مع السيد إدريس فيما يتعلق بأمر البلاد, وبعد عودته نظم أدوار
المجاهدين, فجعل حسين الجويفي على دور البراعصة ويوسف بورحيل المسماري على
دور العبيدات والفضيل بوعمر على دور الحاسة,والمجاهد المخضرم الذى لم يذكر
قط صالح الطلحى(قبيله الوطن الشرقى الاصليين) وتولى هو القيادة العامة.
بعد الغزو الإيطالي على مدينة اجدابيا مقر القيادة الليبية, أصبحت كل
المواثيق والمعاهدات لاغية, وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا
تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر, وفي تلك الأثناء تسابقت جموع
المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والإنضواء تحت قيادة عمر المختار, كما بادر
الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح, وعندما ضاق
الإيطاليون ذرعا من الهزيمة على يد المجاهدين, أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق
الإمداد فسعوا إلى احتلال الجغبوب ووجهت إليها حملة كبيرة في 8 فبراير
1926م, وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين وعلى رأسهم عمر
المختار, ولكن الرجل حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.
ولاحظ الإيطاليون أن الموقف يملي عليهم الاستيلاء على منطقة فزان لقطع
الإمدادات على المجاهدين, فخرجت حملة في يناير 1928م, ولم تحقق غرضها في
احتلال فزان بعد أن دفعت الثمن غاليا. ورخم حصار المجاهدين وانقطاعهم عن
مراكز تموينهم, إلا أن الأحداث لم تنل منهم وتثبط من عزمهم, والدليل على
ذلك معركة يوم 22 أبريل التي استمرت يومين كاملين, انتصر فيها المجاهدون
وغنموا عتادا كثيرا.
مفاوضات السلام في سيدي ارحومة:
وتوالت الانتصارات, الأمر الذي دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها وإجراء تغييرات واسعة,
فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية, حيث عين بادوليو حاكماً عسكريا
على ليبيا في يناير 1929م, ويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة بين
الطليان والمجاهدين.
تظاهر الحاكم الجديد لليبيا في رغبته للسلام لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ
خططه وتغيير أسلوب القتال لدى جنوده,وطلب مفاوضة عمر المختار, تلك
المفاوضات التي بدأت في 20 أبريل 1929م,
واستجاب الشيخ لنداء السلام وحاول التفاهم معهم على صيغة ليخرجوا من دوامة
الدمار. فذهب كبيرهم للقاء عمر المختار ورفاقه القادة في 19 يونيو 1929م
في سيدي ارحومه. ورأس الوفد الإيطالي بادوليو نفسه، الرجل الثاني بعد
بنيتو موسليني، ونائبه سيشليانو، ولكن لم يكن الغرض هوالتفاوض، ولكن
المماطلة وشراء الوقت لتلتقط قواتهم أنفاسها، وقصد الغزاة الغدر به والدس
عليه وتأليب أنصاره والأهالي وفتنة الملتفين حوله.
وعندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه اما مغادرة البلاد إلى
الحجاز او مصر أو البقاء في برقة و انهاء الجهاد والإستسلام مقابل الأموال
والإغراءات, رفض كل تلك العروض, وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الاختيار
الثالث وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.
تبين للمختار غدر الإيطاليين وخداعهم, ففي 20 أكتوبر 1929م وجه نداء إلى أبناء وطنه طالبهم فيه بالحرص واليقظة أمام ألاعيب الغزاة.
وصحت توقعات عمر المختار, ففي 16 يناير 1930م ألقت الطائرات بقذائفها على المجاهدين.
غرتسياني
دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا إلى دراسة الموقف من جديد وتوصلت إلى
تعيين غرسياني وهو أكثر جنرالات الجيش وحشية ودموية. ليقوم بتنفيذ خطة
إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ في وحشيتها وفظاعتها وعنفها وقد
تمثلت في عدة إجراءات ذكرها غرسياني في كتابه "برقة المهدأة":
1. - قفل الحدود الليبية المصرية بالأسلاك الشائكة لمنع وصول المؤن والذخائر.
2. - إنشاء المحكمة الطارئة في أبريل 1930م.
3. - فتح أبواب السجون في كل مدينة وقرية ونصب المشانق في كل جهة.
4. - تخصيص مواقع العقيلة والبريقة من صحراء غرب برقة البيضاء والمقرون
وسلوق من أواسط برقة الحمراء لتكون مواقع الإعتقال والنفي والتشريد.
5. - العمل على حصار المجاهدين في الجبل الأخضر واحتلال الكفرة.
إنتهت عمليات الإيطاليين في فزان باحتلال مرزق وغات في شهري يناير وفبراير
1930م ثم عمدوا إلى الإشباك مع المجاهدين في معارك فاصلة, وفي 26 أغسطس
1930م ألقت الطائرات الإيطالية حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج,
وفي نوفمبر اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة من اجدابيا إلى جالو إلى
بئر زيغن إلى الجوف, وفي 28 يناير 1931م سقطت الكفرة في أيدي الغزاة, وكان
لسقوط الكفرة آثار كبيرة على حركة الجهاد والمقاومة.
المختار في الأسر
في معركة السانية في شهر أكتوبر عام 1930م سقطت من الشيخ عمر المختار
نظارته، وعندما وجدها أحد جنود الطليان وأوصلها لقيادته، فرائها غراتسياني
فقال: "الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما".
وفي 11 سبتمبر من عام 1931م، وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة
سلنطة في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات
لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة ورجحت الكفة
للعدوفأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على
يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول
بندقيته ليدافع عن نفسه، فسرعان ماحاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على
شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه ومن ثم وضع على طراد الذي نقله رأسا
إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش. ولم يستطع الطليان
نقل الشيخ براً لخوفهم من تعرض المجاهدين لهم في محاولة لتخليص قائدهم.
كان لاعتقاله في صفوف العدو، صدىً كبيراً، حتى أن غراسياني لم يصدّق ذلك
في بادىء الأمر،وكان غراتسياني في روما حينها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب
في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة بعد فشله في
القضاء على المجاهدين في برقة، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في إيطاليا تنال
منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في مقدرته على إدارة الصراع.
وإذا بالقدر يلعب دوره ويتلقى برقية مستعجلة من نغازي مفادها إن عدوه
اللدود عمر المختار وراء القضبان. فأصيب غراتسياني بحالة هستيرية كاد لا
يصدق الخبر. فتارة يجلس على مقعده وتارة يقوم، وأخرى يخرج متمشياً على
قدميه محدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويقول: "صحيح قبضوا على عمر
المختار ؟ ويرد على نفسه لا، لا اعتقد." ولم يسترح باله فقرر إلغاء أجازته
واستقل طائرة خاصة وهبط ببنغازي في نفس اليوم وطلب إحضار عمر المختار إلي
مكتبه لكي يراه بأم عينيه.
الأسد أسيرا
وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر ، وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة"
يوم 15 سبتمبر 1931م, وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غرسياني في
الحديث مع عمر المختار, يذكر غرسياني في كتابه (برقة المهدأة):
"وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين
التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل, رغم
الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة, وكان وجهه مضغوطا لأنه كان
مغطيا رأسه ( بالَجَرِدْ) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر
بالبحر, وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره
وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر, ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب
بصوت هادئ وواضح."
غراتسياني: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة لفاشستية ؟
أجاب الشيخ: من أجل ديني ووطني.
غراتسياني:ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟
فأجاب الشيخ: لا شئ إلا طردكم … لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله.
غراتسياني: لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يمكنك إن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم ؟.
فأجاب الشيخ: لا يمكنني أن أعمل أي شئ … وبدون جدوى نحن الثوار سبق أن
أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الأخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح…
ويستطرد غرسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للإنصراف كان جبينه وضاء كأن
هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك
الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي
ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد, فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى
السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء, وعند وقوفه حاول أن يمد يده
لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يديه كانت مكبلة بالحديد."
المحاكمة
عقدت للشيخ الشهيد محكمة هزلية صورية في مركز إدارة الحزب الفاشستي
ببنغازي مساء يوم الثلاثاء عند الساعة الخامسة والربع في 15 سبتمبر 1931م،
وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت،
وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ "إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف ... إنا لله وإنا أليه لراجعون".
- وهنا نقلا حرفيا لمحضر المحاكمة كما ورد في الوثائق الإيطالية :
إنه في سنة ألف وتسعمائة وواحدة وثلاثين ؛ السنة التاسعة ، وفي اليوم
الخامس عشر من شهر سبتمبر ، ببنغازي ، وفي تمام الساعة 17 بقصر
"الليتوريو" بعد إعداده كقاعة لجلسات المحكمة الخاصة بالدفاع عن أمن
الدولة ، والمؤلفة من السادة :
- المقدم الكواليير اوبيرتو فانتيري مارينوني ، رئيسا بالوكالة ، نيابة عن الرئيس الأصيل الغائب لعذر مشروع .
- المحامي د. فرانشيسكو رومانو (قاضي مقرر) .
- الرائد الكاواليير قوناريو ديليتلو (مستشار ، أصيل ) .
- رائد "الميليشيا التطوعية للأمن الوطني (الكواليير جوفاني منزوني ، مستشار أصيل) .
- رائد "الميليشيا التطوعية للأمن الوطني (الكواليير ميكيلي مندوليا ،
مستشار أصيل) ، والرئيس بالنيابة عن الرئيس الأصيل ، الغائب بعذر مشروع .
- بمساعدة الملازم بسلاح المشاة ، ايدواردو ديه كريستوفانو (كاتب الجلسة العسكري بالنيابة) .
للنظر في القضية المرفوعة ضد : عمر المختار ، بن عائشة بنت محارب ، البالغ
من العمر 73 سنة ، والمولود بدفنة ، قبيلة منفة ، عائلة بريدان ، بيت
فرحات ؛ حالته الاجتماعية : متزوج وله أولاد ، يعرف القراءة والكتابة ،
وليست له سوابق جنائية ، في حالة اعتقال منذ 12 سبتمبر 1931.
المتهم بالجرائم المنصوص عليها وعلى عقوباتها في المواد
284-285-286-575-576 (3) ، والمادة 26 ، البنود : 2 - 4 - 6 - 10 ، وذلك
أنه قام ، منذ عام 1911م وحتى القبض عليه في جنوب سلنطة في 11سبتمبر 1931،
بإثارة العصيان وقيادته ضد سلطات الدولة الإيطالية ، داخل أراضي المستعمرة
، وباشتراكه في نصب الكمائن للوحدات المعزولة من قواتنا المسلحة وفي معارك
عديدة وأعمال الإغارة للسلب والنهب واللصوصية مع ارتكاب جرائم قتل بدافع
نزعته إلى القسوة والتوحش ، وأعمال البطش والتنكيل ، بقصد إحداث الدمار
وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم .
بعد ذلك سمح للجمهور بدخول قاعة الجلسات ، بينما جلس المتهم في المكان
المخصص للمتهمين ، تحت حراسة عسكرية ، وهو طليق اليدين وغير مكبل بأغلال
من أي نوع .
كما حضر وكيل النيابة العامة السينور "كواليير" أوفيتشالي جوسيبي بيديندو
، كمدعي عسكري ، والمكلف بالدفاع عن المتهم ، المحامي ، النقيب في سلاح
المدفعية ، روبيرتو لونتانو .
يعلن الرئيس افتتاح الجلسة . فيحضر أيضا المترجم السيد نصري هرمس الذي يطلب إليه الرئيس الادلاء ببيانات هويته فيجيب :
- نصري هرمس ، ابن المتوفى ميشيل ، وعمري 53 سنة ، ولدت في ديار بكر ببلاد
ما بين النهرين (العراق) رئيس مكتب الترجمة لدى حكومة برقة .
يكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة ، بعد تحذيره حسبما هو مقرر ، فيؤديها
بصوت عال وبالصيغة التالية : (( أقسم بأنني سأنقل الأسئلة إلى الشخص
المقرر استجوابه بواسطتي بأمانة وصدق ، وبأن أنقل الردود بأمانة )) .
فيوجه الرئيس ، عن طريق الترجمان ، أسئلة للمتهم حول هويته ، فيدلي بها
بما يتفق مع ما تقدم ، ومن ثم ينبه عليه بالانصات إلى ما سيسمع . وعند هذه
النقطة ، يثبت في المحضر طلب وكيل النيابة بإعفاء المترجم نصري من المهمة
بسبب وعكة ألمت به والاستعاضة عنه بالكواليير لومبروزو ابن آرونه وماريا
قاندوس ، المولود بتونس في 27 - 2 - 1891م ، ومهنته صناعي .
فيكلفه الرئيس بأداء اليمين المقررة ، بعد تحذيره نظاميا ؛
يتلو كاتب الجلسة صحيفة الاتهام ، فيتولى الترجمان ترجمتها للمتهم ، ويسرد بعدها قائمة المستندات والوثائق المتصلة بالدعوى ،
وبعد سردها يكلف الرئيس الترجمان بترجمتها ، حيث إن المتهم غير ملم باللغة
الإيطالية ، ومن ثم يبدأ استجوابه حول الأفعال المنسوبة إليه ؛ فيرد عليها
، ويتولى الترجمان ترجمة ردود المتهم عليها .
ويثبت بالمحضر أن المتهم يرد بانتظام عن كل اتهام حسب ما جاء في محضر
استجوابه المكتوب ، معترفا بأنه زعيم المقاومة في برقة وبهذه الصفة فهو
الفاعل والمحرض لجميع الجرائم التي اقترفت في أراضي المستعمرة خلال العقد
الأخير من الزمن ، أي الفترة التي ظل خلالها الرئيس الفعلي للمقاومة .
وردا عن سؤال ، يجيب :
منذ عشر سنوات ، تقريبا ، وأنا رئيس المحافظية . ويثبت هنا أن المتهم ظل
يرد عن كل سؤال محدد حول تهمة بعينها ، بقوله : (( لا فائدة من سؤالي عن
وقائع منفردة ، وما أرتكب ضد إيطاليا والإيطاليين ، منذ عشر سنوات وحتى
الآن ، كان بإرادتي وإذني ، عندما لم أشترك أنا نفسي في تلك الأفعال ذاتها
)) .
وردا عن سؤال ، يجيب : (( كانت الغارات تنفذ أيضا بأمري وبعضها قمت بها أنا نفسي )) .
يعطي الرئيس الكلمة لوكيل النيابة : بعد أن تناول الكلمة ، أوجز مطلبه في
أن تتكرم المحكمة ، بعد تأكيد إدانة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه ،
بإصدار حكم الإعدام عليه وما يترتب عليه من عواقب .
وينهي الدفاع ، بدوره مرافعته بطلب الرأفة بالمتهم . وبعدما أعطى المتهم
الكلمة كآخر المتحدثين ، يعلن الرئيس قفل باب المناقشة ، وتنسحب هيئة
المحكمة إلى حجرة المداولة لتحديد الحكم .
عادت المحكمة بعد قليل إلى قاعة الجلسات ؛ لينطق الرئيس بصوت عال بالحكم
بالإدانة ، بحضور جميع الأطراف المعنية . فيقوم الترجمان بترجمة منطوق
الحكم .
أثبت تحريريا كل ما تقدم بهذا المحضر الذي وقع عليه : كاتب المحكمة العسكري .
الإمضاء : ادواردو ديه كريستوفانو ، الرئيس (المقدم الكاواليير أوميركو مانزولي) .
كاتب المحكمة العسكرية ، الإمضاء : ادواردوديه كريستوفاني (Edoardo De Cristofano) .
الرئيس : (المقدم الكاواليير أوميركو مانزوني)
الإمضاء : أومبيرتو مانزوني (Umberto Marinoni) .
الإعدام
في صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر 1931( الأول من شهر
جمادىالأول من عام 1350 (، اتخذت جميع التدابيراللازمة بمركز سلوق لتنفيذ
الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران،
واحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم.
واحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وعلى وجهه ابتسامة الرضا بالقضاء والقدر،
وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم،
وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم الشيخ إلي الجلاد، وكان وجهه يتهلل
استبشاراً بالشهادة وكله ثبات وهدوء، فوضع حبل المشنقة في عنقه، وقيل عن
بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يأذن في صوت خافت آذان الصلاة،
والبعض قال انه تتمتم بالآية الكريمة "يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى
ربك راضية مرضية" ليجعلها مسك ختام حياته البطولية. وبعد دقائق صعدت روحه
الطاهرة النقية إلي ربها تشكو إليه عنت الظالمين وجور المستعمرين.
وسبق إعدام الشيخ أوامر شديدة الحزم بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أويظهر
البكاء عند إعدام عمر المختار، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضرباً مبرحاً
بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار. ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها
سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العبارية وندبت فجيعة الوطن عندما على
الشيخ شامخاً مشنوقاً، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت".
أما المفارقة التاريخية التي أذهلت المراقبين فقد حدثت في سبتمبر 2008
عندما انحنى رئيس الوزارء الإيطالي برلسكوني، وفي حضور الزعيم الليبي معمر
القذافي، أمام ابن عمر المختار معتذراً عن المرحلة الاستعمارية وما سببته
إيطاليا من مآسٍ للشعب الليبي، وهي الصورة التي قورنت بصورة تاريخية أخرى
يظهر فيها عمر المختار مكبلاً بالأغلال قبيل إعدامه.
اخر كلمات الشهيد
كانت اخر كلمات عمر المختار قبل اعدامه:
"نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت .... وهذه ليست النهاية ... بل سيكون عليكم
أن تحاربوا الجيل القادم و الاجيال التي تليه ... اما أنا فإن عمري سيكون
أطول من عمر جلادي
[b]
وليم شكسبير - William Shakespeare
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][right]ولد الشاعر والكاتب المسرحي
وليم شكسبير في نيسان عام ،1564 في مدينة (سترانفورد أون أفون) في
إنكلترا، وكان والده تاجرا ناجحاً اسمه جون شكسبير. وقد تلقى تعليما جيدا
في المدرسة المحلية حيث تعلم اللاتينية واليونانية، وحصل شكسبير قدرا
كبيرا من المعلومات التاريخية، سواء في المدرسة او في منزله. وفي عام
،1582 تزوج شكسبير آن هاثاوي، وهي احدى فتيات ستراتفورد، وكانت تكبره
بثماني سنوات. وقـد انجبا ثلاثة اطفال، بنتاً سمياها سوزانا، وتوأمين هما
هانيت وجوديت.
وفي تلك الفترة، كشف بعض الغموض الذي يكتنف حياته عن طريق قصة مشهورة، وإن
لم تكن مؤكدة، مفادها انه نزح الى لندن هربا، بعدما سرق غزالا من الغابة
المتاخمة للقرية.
ومهما يكن الدافع وراء انتقال شكسبير الى لندن، فانه وصلها في عام ،1587
ولم تكد تمضي سنتان على وصوله (1589) حتى اصبح مالكا لمسرح BLACKFRIARS.
اما عن مهنته السابقة، فهي غير معروفة على وجه التأكيد، شأنها في ذلك شأن
كل ما يتعلق به. لكن من المحتمل انه كان يعمل في التدريس.
ولم يمض عليه وقت طويل، حتى كان قد كرّس نفسه للمسرح. ولعل اول وظيفة
شغلها كانت وظيفة ممثل، ومما لا شك فيه ان التأليف المسرحي في بداية امره
كان خاضعا لمهنة التمثيل الشاقة. ولكن شهرة شكسبير كمؤلف مسرحي في عام
،1592 كانت كافية بعدما ظهرت الطبعة الاولى من احد مؤلفاته (قصيدة فينوس
وادونيس).
وفي عام ،1594 اخذت مسرحياته تنشر بانتظام، وكان ذلك هو العام الذي اصبح فيه
عضوا بارزا في احدى الفرق التمثيلية المعروفة باسم فرقة رجال اللورد تشامبرلين. وهي الفرقة التي كتب لها معظم مسرحياته.
وفي عام 1597 بلغ من النجاح حدا مكّنه من شراء منزل ضخم في ستراتفورد يعرف
بـ"المنزل الجديد". وفي العام التالي اصبح شريكا في ملكية مسرح GLOBE
THEATRE لعرض مسرحياته. وفي عام ،1612 استقر في ستراتفورد، وامضى السنوات
الاخيرة من حياته في محاولات متقطعة للتأليف، الى ان توفى في عام ،1616
وهو بعد في الثانية والخمسين من عمره... ولم يكن له ذرية أحياء.
لا يمكن وصف الوضع المالي لشكسبير بالثراء الفاحش، او البؤس. اما كيف امكن
مثل هذا الرجل الذي يبدو طبيعيا للغاية، ان يستكشف عبر مسرحياته كل تلك
الجوانب من العواطف الانسانية، من انفعالات المآسي العميقة، الى الفكاهة
الشعبية في مسرحياته الهزلية، فهو امر ليس بأقل بعثا للحيرة مما يحيط
بشخصيته.
وبقدر ما كانت حياته العامة عادية، كان يدرك كل ما يمكن ان تنطوي عليه
اخلاق البشر من سمات. لقد كتب شكسبير ما لا يقل عن 154 قصيدة غنائية. وبعض
هذه القصائد الغزلية كتبها الى "الجمال الاسود"، وهي شخصية قد تكون احدى
غراميات شكسبير من جانبه فحسب. وفي عصر كانت اللغة الانكليزية في اوج
ازدهارها، اكتشف فيها شكسبير آفاقا جديدة من الجمال الشعري.
فأسلوب جولييت السلس، والبرود المتعالي في اسلوب الملك لير، يسموان كثيرا
فوق مستوى اسلوب الحديث العادي. ومسرحية "العاصفة" تتضمن الكثير من
الفقرات الرائعة، بخلاف حديث بروسبير القائل: "ان القباب التي تعلوها
السحب، والقصور الفاخرة... والمعابد المهيبة، والكرة الارضية العظيمة
نفسها... اجل وكل ما خلقته، سوف يتلاشى، وهي مثل هذا البهاء الزائف سوف
تذبل ولا تترك وراءها اثرا. هكذا خلقنا، كأننا اطياف احلام، وحياتنا
القصيرة يكتنفها الكرى...".
اما شكسبير المؤلف المسرحي، فيكاد يكون كاملا. التلاحم بين شخصياته محدد
وواضح، واحساسه بالزمن والنتائج رائع. واننا لنجد مشاهد المسرحية تنتقل
انتقالا سريعا من قارة الى اخرى (كما في مسرحية انطونيو وكليوباترا)، دون
ان يفقد المشاهدون الاحساس بتتابع الاحداث، او يبتعدون عن ملاحقتها.
ان عبقرية شكسبير تتجلى في اروع مظاهرها في شخصياته. والادوار الثانوية،
مثل بولينيوس Polinius ومركوشيو Mercutio واينوباربوس Enobarbus وجاك
Jacques تبرز شخصيات ظلت تجذب اليها المشاهدين طيلة قرون. اما المهرجون
والمغفلون ومنهم بوطوم Bottom، وفالستاف Falstaff اللذان كان في
استطاعتهما ان يتكلما بأكثر مما حدد لهما، فقد كانا قادرين على استدرار
ضحكات مشاهديهما، بنكاتهما ذات الطابع المختلف.
ولا مغالاة في ان جميع المشاهدين يشعرون بالتأثر العميق لمواقف هاملت،
وماكبث وعطيل ولير، وهم ينغمسون في الكوارث، في ظروف لا يمكن وصفها الا
بأنها "مآس شكسبيرية". ولكن الناحية الاقرب الى المأساة تكمن في ان ترديهم
هذا، كان ناتجا من انحرافات في اخلاقهم نفسها.
ان في شخصيات شكسبير من التعقيد وفي الوقت نفسه من الاقناع، لدرجة ان
النقاد لا يترددون في مناقشة دوافعها الحقيقية، كلما كان هناك مجال للنقد
الادبي الجاد.
و نظرا لعبقرية شكسبير ومنجزاته وذيوع صيته فيبدو من الغريب أن أسمه لم
يصنف مع المائة الأوائل وهذا ليس استهانة بمنجزاته ولكن نظرا لان الشخصيات
الأدبية والفنية على العموم لا تملك تأثيراً كبيراً على التاريخ البشري.
فنشاط الزعماء الدينيين والعلماء السياسيين والمكتشفين والفلاسفة أو
المخترعين غالبا ما تؤثر في تطورات الحياة البشرية في مختلف المجالات.
فالتقدم العلمي مثلا كان له تأثيره الواضح على المشاكل السياسية
والاقتصادية وقد أثر أيضا على المعتقدات الدينية والمواقف الفلسفية وتطور
الفنون.
ولكن يبدو أن شكسبير هو المبرز بين الشخصيات الأدبية دون منازع فقليل من
الناس في هذه الأيام يقرؤون شوسر وفرجيل وحتى هوميروس ولكن في أي حفلة
مسرحية لإحدى روايات شكسبير يحضرها الكثيرون وغالبا ما يقتبس من أقوال
شكسبير من قبل أشخاص لم يقرؤوا أو يروا مسرحياته.
فمسرحياته قد سببت السرور والمتعة لكثير من القراء والمشاهدين خلال أربعة
قرون تقريباً ومن المنتظر أن تظل أعماله مألوفة من قبل الناس لعدة قرون
نائية.
ومع أن شكسبير قد كتب باللغة الإنكليزية إلا أنه كان شخصية معروفة عالمياً
وقد ترجمت معظم أعماله بشكل واسع وقرئت مسرحياته ومثلت في عدد كبير من
الأقطار
الرجل الذي كتب لكل العصور
قبيل انتهاء القرن الماضي راود وسائل الإعلام سؤال واحد ، كان على الرغم
من أهميته معروف وواضح الإجابة : من هو أهم شخصيات الألف سنة الماضية ؟؟
وجاءت الإجابة بنهاية عام 1999 حيث انبثق اسم تكرر كثيراً على أفواه الناس
: ويليام شكسبير .
وفي استفتاء قامت به بي بي سي ، فقد هزم شكسبير كل من الشخصيات العالمية
من أمثال وينستون تشرشل وإزاك نيوتن . والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا كل
هذا الإطراء ؟ ولماذا احتل كاتب مسرحي مات منذ فترة طويلة وكاتب للعديد من
المسرحيات تحكي عن ملوك قتلوا وقصص حب مفرطة ومصير المرابين ، لماذا يحتل
تلك المكانة المرموقة ؟
تعد أعمال شكسبير الأكثر قراءة وشيوعاً على مدار التاريخ ، كما تمت ترجمة
هذه الأعمال إلى أكثر من 100 لغة كما تحولت مسرحياته الشهيرة إلى أكثر من
300 فيلم سينمائي بدءً بـ King John في عام 1899 والأخير Titus Andronicus
والذي قام ببطولته أنتوني هوبكنز وتم عرضه في شهر سبتمبر في بريطانيا ،
بالإضافة إلى عرض أعماله على المسارح في جميع أنحاء العالم حتى بعد وفاته
بأكثر من 400 عام .
أفكار عالمية
إذن ما هو السر الخفي وراء استمراريته وخلوده ؟ وتنبثق إجابة هذا السؤال
من خلال عدد من الأعمال الحديثة التي اعتمدت على كتاباته مثل West Side
Story والذي اعتمد على Romeo and Juliet وكذلك Kiss Me Kate المأخوذة من
The Taming of the Shrew كما اعتمدت القصة العلمية Forbidden Planet على
مسرحيته The Tempest كما اعتمدت الملحمة البطولية Ran على فكرة مسرحية
King Lear .
كل هذه الأعمال ما هي إلا شاهد إثبات على أقوى خصائص أعمال شكسبير الخارقة
: وهي بلورتها للأفكار والمشاعر الكونية من إحساس بسيط بالغيرة إلى أدق
الأفكار والأحاسيس مثل خطر تقديم العاطفة على العقل والفشل في حسم الموقف
والقيام بفعل ما ، أي من ناحية أخرى التردد ، أي أن أعمال شكسبير ناقشت
المشاعر الواضحة كالغيرة إلى أدق ما يدور في النفس البشرية مثل ما نراه في
Othello و Hamlet .
وعلى هذا الأساس فقد ظلت أعماله مرتبطة ارتباطاً وثيقا بعصرنا الحالي ،
حيث منحت شخصياتها المعقدة المخرجين المعاصرين مزيداً من التفسيرات
والأفكار الجديدة وهو السر وراء احتلال شكسبير لتلك المكانة في عالم الأدب
.
كتب شكسبير على الأقل 38 عملا دراميا ( وإن كان الرقم الصحيح مثار جدال
حتى الآن ) متنقلاً من الأعمال الكوميدية خفيفة الظل والأعمال التاريخية
الشهيرة إلى تراجيدياته الدموية .
وقد تساءل العديد من الناس حول مصدر إلهام هذا الكاتب العبقري . وإن كان
في غير استطاعتنا تفسير هذا اللغز ونحن لا نعلم إلا أقل القليل عن حياته
الخاصة ، حتى تاريخ ميلاده غير محدد تماماً وإن كان نسبة لما حددته
الأبرشية فقد تم تعميده في Stratford-upon-Avon, Warwickshire في 26 إبريل
1564.
قصة غير مكتوبة
ما هو مؤكد تماماً أنه كان أخ لخمسة أخوة للأب John Shakespeare حيث كان
رجل أعمال وصل إلى مركز يضاهي عمدة Stratford ودخل الابن ويليام مدرسة The
Local Grammar School بما يتناسب مع ابن وجيه من وجهاء المدينة ، وتزوج
وهو في الثامنة عشرة من عمره فتاة في منتصف العشرينيات تسمى Anne Hathaway
وكانت لديه ابنة اسمها Susanna وفي عام 1585 أصبح لديه توأماً . وللأسف
الشديد أن اسم شكسبير اختفى من أي معلومات مسجلة لمدة سبع سنوات كانت هذه
السنوات هي ثمرة انتقال هذا الشاب إلى لندن ونبوغه ككاتب مسرحي ينافس بل
ويتألق على أعظم كتّاب الدراما في عصره .
وفي غياب التفاصيل المهمة عن بلوغه بالإضافة إلى تعليمه المتواضع ، أدى
هذا إلى ادعاء البعض أن شكسبير كاتب مستعار لكاتب آخر هو صاحب أو يستحق
هذا الفضل مثل Sir Francis Bacon, Edward de Vere . وفي آخر تقدير ، فقد
بلغ عدد الشخصيات التي قد يعود لها فضل تلك العبقرية إلى خمسين شخصية من
شعراء الملاحم والبطولات Bard ) ) الحقيقيين . ولكن هذه النظريات المتآمرة
لا تحملك على تصديقها وما هي إلا أقوال متملقة . وعموماً لا يمكن لأحد أن
ينكر أن إيزاك نيوتن صاحب الثورة العلمية الكبيرة كان مجرد ابن مزارع .
ومع ذلك يظل سر تعلم شكسبير لحرفة الدراما قائماً حتى الآن . ولا يمكن
تحديد فترة كتابته لمسرحياته الأولى ، ولكنه من الواضح أنه بدأ بمعالجة
القضايا أو الأفكار البسيطة أولاً . وقد ظهر أول مرجع يتحدث عن أولى
أنشطته المسرحية في عام 1592 كوثيقة سميت The Groatsworth of Wit حيث تشير
إلى أن شكسبير كان ممثلاً في نفس الوقت الذي بدأ فيه كتابة المسرحيات ،
وتوضح الصلة بين شكسبير وكتابته للمسرحية التاريخية ذات الثلاثة أجزاء
Henry VI .
وكان مؤلف هذه الوثيقة هو Robert Greene كاتب مسرحي يعيش في لندن . وقد
كتبت هذه الوثيقة قبيل وفاته وتتضمن تحذيراً واضحاً لكل من صديقه Oxbridge
وكذلك لكل منChristopher Marlowe, Thomas Nashe و George Peele. وتبعاً
لما قاله Greene فقد ذكر أن " ديكاً مبتدئاً " - حيث كان دائماً ما يدعو
شكسبير بذلك - قد ينافسكم في مهنتكم ويهدد مصدر رزقكم .
أحد الشخصيات المسرحية البارزة
قامGreene باقتباس غامض لبعض السطور من مسرحيتين هما : الجزء الثالث من
Henry VI – والمنسوبة غالباً لشكسبير – ونسخة مجهولة من نفس القصة باسم
The True Tragedy . وبتحليل القصة الثانية من قبل بعض طلاب الأدب ، وجدوا
أن المسرحية الثانية قد كتبت على يد Marlowe . وهذا يعني أن شكسبير قد
تعرض لهذا الغضب الكبير من قبل Greene لإيمانه أن شكسبير الصغير قام بأخذ
بعض النصوص من Marlowe وقام بتعديلها لينسبها لنفسه .
وأياً كانت الحقيقة فقد كانت سنوات شكسبير الثمانية والعشرون قوة لها
ثقلها في عالم لندن المسرحي . خلال عدة أسابيع من ظهور وثيقة Greene ، قدم
الناشر اعتذاراً متذللاً لشكسبير وتزكيةً وتمجيداً لأمانته ومهارته
وموهبته الأدبية . وكانت لهجته المتذللة دليلاً على خوفه من عزل أحد كبار
نجوم المسرح في لندن .
ولكن سرعان ما ظهرت موهبة شكسبير الأدبية في المسرحيات التاريخية الرائعة
مثل Richard II وتأكدت عبقريته الفنية من خلال The Comedy Of Errors
وRomeo and Juliet .
في نهاية عام 1590 قام شكسبير بإبداع مسرحيات جديدة غير مسبوقة وهي Henry
V و Hamlet والتي تحكي عن قصة مأساوية لأمير شاب لا يستطيع مواكبة
متطلباته ، وتعد هذه المسرحية من أعظم الأعمال الدرامية التي كتبت على
الإطلاق . وبقليل من الذكاء و المهارة ، قام شكسبير باستخدام بعض الفكاهة
في مسرحياته الدرامية وحتى التراجيدية لزيادة حدة الموقف . كما أن هناك
العديد من الأعمال المسرحية الكوميدية الكاملة أيضاً والتي تجمع بين
الكوميديا السمجة والسخرية ، الفنتازيا والواقعية الساحرة مثل A Midsummer
Night’s Dream, As You Like It, The Merry Wives of Windsor.
ولكن تظهر عبقرية شكسبير بوضوح في مسرحياته التراجيدية وخاصةً Hamlet
وثلاث مسرحيات أخرى كتبت تقريباً في عام 1605 وهي Othello, King Lear,
Macbeth . حيث تُظهر جميعها شخصيات قوية ومعقدة تورطت في النتائج المؤسفة
لحماقتهم الخاصة : مثل قائد ينساق وراء غيرته الشديدة ليقتل زوجته المحبة
المخلصة وحاكم كهل قاده سوء الحكم على الناس وسوء اتخاذ القرار إلى مقتل
بناته وموته هو شخصياً وإقطاعي اسكتلندي تم تدميره وتحطيم آماله بقوى
مضادة من الطموح والندم .
حققت أعمال شكسبير الشهرة والمال له . وبعد عرض مسرحية Macbeth والتي كتبت
خصيصاً للملك جيمس الأول ، أصبح غنياً بما يكفي لشرائه ممتلكات له في لندن
وستراتفورد . كما وجد لديه الوقت لكتابة الشعر حيث قدم مجموعة من أكثر من
150 سونيتة ( قصيدة تتألف من 14 بيتاً ) في عام 1609.
بحلول عام 1612 ، استقر شكسبير في بيته في ستراتفورد وكان يذهب إلى لندن
فقط للإشراف على أداء مسرحياته وتتضمن The Tempest, Cymbeline, The
Winter’s Tale .
كما يبدو أنه قد اشترك في تأليف بعض الأعمال مثل المشارَكة في كتابة Two
Noble Kinsmen مع الدرامي الناجح John Fletcher وذلك طبقاً لما أوضحه
تحليل الكمبيوتر للنص .
الأسطورة التي لا تموت
في بداية عامه الخمسين اعتزل شكسبير فن الكتابة ، ويبدو أن السبب يعود إلى
تدهور صحته حيث قام في عام 1616 بكتابة وصيته التي أوصى فيها بتوزيع
أمواله على عائلته ، أصدقائه والعامة من الفقراء وفي خلال شهر من كتابة
هذه الوصية وبالتحديد في 23 إبريل 1616 توفي شكسبير .
وتضمنت أعماله الخيرية جامعتان هما John Heminge و Henry Condell . وفي
عام 1623 قامت الجامعتان بتنظيم إصدار يتضمن 36 من مسرحياته فيما يسمى
الآن بـ First Folio وتمت إضافة مسرحيتان إلى هذا الإصدار فيما بعد وهما
Pericles و Two Noble Kinsmen . ومازال هذا الإصدار First Folio يعد
الأساس أو الجوهر لما يسمى اليوم بالأعمال الكاملة لشكسبير Complete Works
of Shakespeare . ويشتمل هذا الإصدار على 800.000 كلمة حيث تعد 1700 كلمة
منها من مصطلحات شكسبير الخاصة . كما أصبحت العديد من جمله تستخدم في
العصر الحديث . كما صدرت العديد من الكتب التي قام شكسبير بالتنبؤ بالعديد
من أسمائها .
وكما قال هاملت أن " the play’s the thing " فإن أعمال شكسبير المسرحية هي
التي أسفرت عن هذه العبقرية الفذة التي أسرت كل وجه من أوجه الحياة
البشرية وظروفها ودوافعها الداخلية بلغة مازالت لها سحرها الخاص بعد ما
يقرب من 500 عام